{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15)}إنّ من الأزواج أزواجاً يعادين بعولتهنّ ويخاصمنهم ويجلبن عليهم، ومن الأولاد أولاداً يعادون آبائهم ويعقونهم ويجرعونهم الغصص والأذى {فاحذروهم} الضمير للعدوّ أو للأزواج والأولاد جميعاً، أي: لما علمتم أنّ هؤلاء لا يخلون من عدوّ، فكونوا منهم على حذر ولا تأمنوا غوائلهم وشرهم {وَإِن تَعْفُواْ} عنهم إذا اطلعتم منهم على عداوة ولم تقابلوهم بمثلها، فإن الله يغفر لكم ذنوبكم ويكفر عنكم. وقيل: إنّ ناساً أرادوا الهجرة عن مكة، فثبطهم أزواجهم وأولادهم وقالوا: تنطلقون وتضيعوننا فرقوا لهم ووقفوا، فلما هاجروا بعد ذلك ورأوا الذين سبقوهم قد فقهوا في الدين: أرادوا أن يعاقبوا أزواجهم وأولادهم، فزين لهم العفو. وقيل: قالوا لهم: أين تذهبون وتدعون بلدكم وعشيرتكم وأموالكم، فغضبوا عليهم وقالوا: لئن جمعنا الله في دار الهجرة لم نصبكم بخير، فلما هاجروا منعوهم الخير، فحثوا أن يعفوا عنهم ويردّوا إليهم البر والصلة. وقيل: كان عوف بن مالك الأشجعي ذا أهل وولد، فإذا أراد أن يغزو أو تعلقوا به وبكوا إليه ورققوه، فكأنه همّ بأذاهم، فنزلت. {فِتْنَةٌ} بلاء ومحنة، لأنهم يوقعون في الإثم والعقوبة، ولا بلاء أعظم منهما؛ ألا ترى إلى قوله: {والله عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} وفي الحديث: «يؤتى برجل يوم القيامة فيقال: أكل عياله حسناته» وعن بعض السلف: العيال سوس الطاعات.وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه كان يخطب، فجاء الحسن، والحسين وعليهما قميصان أحمران يعثران ويقومان، فنزل إليهما فأخذهما ووضعهما في حجره على المنبر فقال: صدق الله {إِنَّمَا أموالكم وأولادكم فِتْنَةٌ} رأيت هذين الصبيين فلم أصبر عنهما. ثم أخذ في خطبته». وقيل: إذا أمكنكم الجهاد والهجرة فلا يفتنكم الميل إلى الأموال والأولاد عنهما.